● ماهو العفو ؟
العفو: ترك المؤاخذة بالذنب .
الصفح: إزالة أثره من النفس ● لمَ العفو ؟
- العفو عزّه ورفعه :
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ وَمَا زَادَ اللَّهُ عَبْدًا بِعَفْوٍ إِلَّا عِزًّا، وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ للَّهِ إِلَّا رَفَعَهُ اللَّهُ .
في هذا دفع للتوهم أن في العفو مذلة؛ ومن أجل ذلك يمتنع بعض الناس من العفو يظن أن هذا ضعف ومذلة فيأبى إلا أن ينتقم بعدل أو بظلم، ففي العفو أجر، وفيه محمدة، وفيه ما يرجى من عفو الله فمن عفا عفا الله عنه ,
- العفو صفة المؤمن الليّن ذو القلب السليم الأبيض الراجي لرحمة ربه وغفرانه ورفع منزلته تخلّى عن نزعة الانتصار والأخذ بالانتقام والتشفّي وآثر رضوان ربه ولقاء ربه وقد طهُر قلبه طمعاً في غفرانه ..
● ولله المثل الأعلى | تأمّلوا :
(ثُمَّ عَفَوْنَا عَنْكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)
( ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ).
(فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوّاً غَفُوراً).
( إِنْ تُبْدُوا خَيْراً أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوّاً قَدِيراً)
( ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ فَعَفَوْنَا عَنْ ذَلِكَ وَآتَيْنَا مُوسَى سُلْطَاناً مُبِيناً)
(يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ)
● سيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم :
سُئلت عائشة رضي الله عنها عن خلق النبي صلى الله عليه وسلم فقالت :
" لم يكن فاحشاً ولا متفحشاً ولا سخاباً في الأسواق ولا يجزي بالسيئة السيئة ولكن يعفو ويصفح"
قال الرسول الكريم صلّى الله عليه وسلّم أمرني ربي بتسع خشية الله في السر والعلانية ، كلمة العدل في الغضب والرضا ، القصد في الفقر والغنى ، وأن أصل من قطعني ، وأن أعفو عمن ظلمني ، وأن أعطي من حرمني ، وأن يكون صمتي فكراً ، ونطقي ذكراً ، ونظري عبرة )
يقول عز وجل : { والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون } أي أن لديهم قوة الانتصار ممن ظلمهم واعتدى عليهم ليسوا بالعاجزين ولا الأذلين بل يقدرون على الانتقام ممن بغى عليهم ومع هذا | عفُوا ..
*من صور عفوه و صفحه صلى الله عليه وسلم :
* عفا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أولئك النفر الثمانين الذين قصدوه عام الحديبية فلما قدر عليهم منّ عليهم مع قدرته على الانتقام
* عفوه صلى الله عليه وسلم عن غوث بن الحارث الذي أراد الفتك به حين اخترط سيفه وهو نائم فاستيقظ صلى الله عليه وسلم وهو في يده مصلتاً فانتهره فوضعه من يده وأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم السيف في يده ودعا أصحابه ثم أعلمهم بما كان من أمره و أمر هذا الرجل وعفا عنه
* عفا صلى الله عليه وسلم عن لبيد بن الأعصم الذي سحره عليه السلام ومع هذا لم يعرض له ولا عاتبه مع قدرته عليه
*عفوه صلى الله عليه وسلم عن المرأة اليهودية ـ وهي زينب أخت مرحب اليهودي الخيبري الذي قتله محمود بن مسلمة ـ التي سمت الذراع يوم خيبر ـ فأخبره الذراع بذلك فدعاها فاعترفت فقال صلى الله عليه وسلم: «ما حملك على ذلك ؟» قالت: أردت إن كنت نبياً لم يضرك وإن لم تكن نبياً استرحنا منك فأطلقها عليه الصلاة والسلام ولكن لما مات منه بشر بن البراء رضي الله عنه قتلها به,
* عفوه عن عبد الله ابن أبي زعيم المنافقين العدو اللدود الذي كان يتربص بالمسلمين و يحيك لهم المؤامرات و هو الذي أشاع حادث الإفك على أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها .
● يوسف عليه السلام :
- بعد أن اعترف أخوة يوسف عليه السلام بخطئهم تجاه يوسف و أخيه { قَالُواْ تَاللّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللّهُ عَلَيْنَا وَإِن كُنَّا لَخَاطِئِينَ } .
- { قَالَ لاَ تَثْرَيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ } .
● السلف الصالح :
قال الحسنُ بن علي رضي الله عنه : " لو أنَّ رجلاً شَتَمَني في أُذني هذه و اعتذر في أُذني الأخرى قبلتُ عذره " .
و قال جعفرُ الصادق : "لأن أندم على العفو عشرين مرة أحبُ إلىَّ من أن أندم على العقوبة مرة واحدة ".
و قال الفضيلُ بن عياض :" إذا أتاك رجل يشكو إليك رجلاً فقل : يا أخي اعف عنه فإن العفو أقرب للتقوى ، فإن قال : لا يحتمل قلبي العفوَ ، ولكن انتصر كما أمرني الله عز وجل فقل له إن كنت تُحسِن الانتصار و إلا فارجع إلى العفو ، فإنه باب واسع ، فإنه من عفَا و أصلحَ فأجره على الله ، و صاحب العفو ينام على قلب سليم ، و صاحب الانتصار يُقلب الأمور لأن الفُتُوة هي العفو عن الإخوان ".
إلى جانب الاقتداء والاحتذاء بسنته وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعده بالعفو والصفح نحن نمتثل لأمره تعالى وتودده إلينا تأمّلوا عظمته يا أحبّه :
( وَجَزَآءُ سَيّئَةٍ سَيّئَةٌ مّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللّهِ إِنّهُ لاَ يُحِبّ الظّالِمِينَ * وَلَمَنِ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُوْلَـَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مّن سَبِيلٍ * إِنّمَا السّبِيلُ عَلَى الّذِينَ يَظْلِمُونَ النّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الأرْضِ بِغَيْرِ الْحَقّ أُوْلَـَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الاُمُورِ )
(فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ )
(فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ)
( وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى).
(وَيَسْأَلونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ )
(خُذْ العَفوَ وأمُرْ بالعُرفْ وأعِرضْ عَنْ الجَاهِليْن )
( ولايَجرِمنّكم شَنئَان قَومْ عَلى أنْ لا َتعْدلُوا إِعْدُلُوْا هُو أقرَبْ للتَقوى)
(وَإِنَّ السَّاعَةَ لآتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ)
( وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ)
(وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ)
(وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ * وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ *أُوْلَـئِكَ جَزَآؤُهُم مَّغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ )
على ماذا التناحر والضغينة؟
وفيمَ الحقد يفقدنا السكينة؟
علامَ نسدُّ أبواب التآخي
ونسكن قاع أحقادٍ دفينة؟
أيهجُر مسلمٌ فينا أخاه !
سنيناً لايمد له يمينه !!
أيهجره لأجل حطام دنيا
أيهجره على نُتفٍ لعينة !
ألا أين التسامح والتصافي
وأين عُرى أخوتنا المتينة
بنينا بالمحبة مابنينا
وماباع امرؤ ٌ بالهجر دينه
تألفنا القلوب وإن قدرنا
على الباغي أبينا أن نهينه
ألان محمدٌ بالعفو قلباً
فجاءته الجبابر مستكينة
كذاك ندى القلوب تجود عفواً
فمال قلوبِنا أمسَت ضنينه
قلوبُ الأنبياءُ تفيض أنساً
وتدفنُ مامضى كي لاتبينه
تزيد بمن يجرِّحها صفاءً
كزهر زِدنه الأشواك زينة
دمتم في حفظ الله ..~