وأنـوي ولـكـن لا يـطاوعـنـي قلبي | | أريـد لـه هجــرا فـيغلبنـي حبـي |
أرى الشعـر للوجـدان كالمـاء للعشب | | وكـيـف أطيق الـصـبر عنـه وإنـما |
وأيـقظ مـن نـوم، وذلـل مـن صعب | | فكـم شد مـن عزم وبصر مـن عمـى |
|
يبيعـونـه بالمـال للبـغـي والـنـهب | | لقـد بغضت لي الشعـر في مصر شلة |
وكم مسرف سمـوه ذا الكـرم الـرحب | | فكـم سـافـح قد لقـبـوه بـفـاتـح |
وسـمـوه ليثـاً وهـو أدنـأ مـن كلب | | وكـم فاجـر بـاغ مشـوا فـي ركابه |
فغـطوا عليهـا كالخضـاب على الشيب | | وكـم ولـغت في حرمـة النـاس كفـه |
فما هو إلا الـسـم في المشرب العـذب | | إذا كان هذا ديـدن الشعـر في الـورى |
|
يصـاغ بجهـد كـالنحـاس وكـالصلب | | وثـلة سـوء ظنت الـشـعـر معـدنـاً |
وأثقـل مـن هجـر على مهجـة الصب | | فجـاءوا به وزنـاَ أجـف من الـصفـا |
فمن لهمو بالـروح، والـروح مـن ربي | | لئـن نحـتـوه كالتـماثـيـل هيـئـة |
|
ولليـأس جنـد كـم يميت وكـم يسبى! | | وشرذمـة أخـرى سبـى اليـأس قلبهم |
عليـل قـد استعصى على نطس الـطب | | إذا عرضـوا للشـعـب قال قنـوطـهم |
كمون اللظى في الفحم والتبر في الترب | | نسـوا ما بـه مـن مكـرمـات كوامن |
فيالـك مـن جمع ويـالـك من شعـب | | لـك الله شعـبـاً سامـه جمـع قـلـة |
بها خمرة تحلو علـى الـلهـو والـلعب | | يريـق دمــاه المـترفـون لينعمــوا |
رمـوه عظامـاً كـاد يقضـي لها نحبي | | يسـيـغـونـه لحمـاً فإذا ماتمـتـعوا |
قـطيـع، وويـل للقـطيـع من الـذئب | | يســاق إلـى مايـشـتـهـون كأنـه |
|
فجـازوا إلى الـلذات دربــاً إلى درب | | وطـائفـة أخـرى أطـاعـوا هواهمـو |
وكيف يعيش المـرء جسـماً بلا قلـب؟! | | يقـولـون: ليـس المــرء إلا فـؤاده |
كأن لم يكن في القلب معنى سوى الحب! | | فغـاصـوا به في الغيد والحب والهوى |
وبـغض لطغـيـان فما هو بالـقـلـب | | إذا لم يكـن فـي الـقـلب ديـن وهمة |
|
وفي المثل العليا وفي المرتقى الصعـب | | عجبـت لهم قالـوا: تماديـت في المنى |
ستبـذر حبـا في ثرى ليس بالخصـب | | فـأقصــر ولا تجهـد يـراعـك إنما |
سأبـذر حبـي، والـثـمار مـن الرب | | فقـلت لهم: مهـلاً فمـا اليـأس شيمتي |
ولم أجـد الـسمـع المجيب فما ذنبي؟! | | إذا أنـا أبـلغت الـرسـالـة جـاهـداً |
|
فإن لـم أنـل إلاه قلت لهم: حسـبـي! | | وقفتـك ياشعـري على الحـق وحـده |
وإن قال لي: حزبي، أقـول له: ربـي! | | وإن قال غـر: ثروتـي، قلت دعـوتي |
ويـنقض رجمـاً للشيـاطين كالشهـب | | فعش كوكبـاً ياشعـر يهدي إلـى العـلا |