إن أشد محنة تقابل المحبين هى الحب من طرف واحد، إنها مذبحة للفؤاد ومدمعة للعين وكسر للخواطر، فيالها من ابتلاء لا يحس ولا يشعر به إلا أصحاب الهوى، عندما يظهر المحب عشقه لا يتحرك قلب المحبوب قيد أنملة تجاهه، يتغاضى المحبوب عنه ويتجاهله ويستلقى المحب تحت قدميه، فما من المحبوب إلا أن يركله، يئن قلب المحب ويستعطفه ولو بنظرة واحدة دون جدوى من المحبوب، يفكر المحب فيه ويعشق المحبوب غيره ويبحث عنه ويجد المحبوب غيره فينظر المحب اليه فيبتعد عنه كما قال الشاعر
لوى جيده وانصرف ما ضره لـو عطف
وتــاه فلـم يلتفت وشأن الجمال الصلف
ورغم هذا الصد والإعراض من المحبوب فإن المحب لا يستطيع فراقه أو نسيانه فأصبح حاله كما قال الشاعر
وزادنى كلفا فى الحب أن منعت أحب شىء إلى الإنسان ما منعا
إن قلب المحب أسير فى قبضة من يسومه العذاب ويلعب به وكما قال الشاعر:
ملكت فؤادى بالقطيعة والجفا وأنت خلىّ البال تلهو وتلعب
ويعيش المحب عيش الأسير الموثق وعيش الخلىّ عيش المسيب المطلق. كما وصف الشاعر:
طليق برأى العين وهو أسيــر عليل على قطب الهلاك يدور
وميت يرى فى صورة الحى غاديا وليس لـه حتى الممات نشور
أخو غمرات ضاع فيهن قلبـه فليس له حتى الممات حضور ]