لم تنطلق بعد صافرة الحكم ، لكن مجرد وصول المنتخب الجزائري إلى القاهرة شكل اعلانا عن بدء المعركة الكروية بين الجانبين المصري والجزائري ، رغم محاولات التهدئة الكثيفة التي دارت خلال الأيام الماضية.
يلتقي المنتخبان المصري والجزائري غدا السبت في الجولة السادسة الأخيرة من مباريات المجموعة الثالثة في التصفيات النهائية الأفريقية المؤهلة لنهائيات كأس العالم 2010 بجنوب أفريقيا.
بيد أن المواجهة لم تعد قاصرة على الجانب الكروي ، أو الخطط الفني والمنافسة الرياضية ، بل تجاوزتها بمراحل وأصبحت معركة بكل ماتعنيه الكلمة رغم رفض الكثيرين للفظ معركة.
فقد حدث انه وسط الإجراءات الأمنية المشددة التي تتخذها السلطات المصرية استعدادا للمواجهة "الكروية" الحاسمة والصعبة بين الفريقين ، لم يتخيل أحد أن تتسبب الرحلة القصيرة التي تستغرق دقائق من مطار القاهرة إلى فندق إقامة المنتخب الجزائري هذه الضجة التي تفجرت خلال الساعات الأخيرة من مساء أمس الخميس.
وأكدت أحداث الرحلة أن مباراة الغد قد "لا تمر مرور الكرام" ، وربما تسفر عن مزيد من الرواسب بين جماهير كرة القدم في البلدين.
فلم تمر سوى ساعة واحدة على وصول المنتخب الجزائري إلى القاهرة حتى تقدم محمد روراوة رئيس الاتحاد الجزائري للعبة باحتجاج رسمي للاتحاد الدولي للعبة (فيفا) يؤكد فيها تعرض فريقه لتجاوزات واعتداءات من جانب جماهير الكرة المصرية.
ورغم وجود آثار لهذه الاعتداءات التي أكد روراوة وقوعها ضد حافلة نقل اللاعبين ، تبدو الظروف المحيطة بهذه الواقعة غريبة وتثير العديد من الشكوك حول ادعاءات الجانب الجزائري.
وتضاربت الأنباء وردود الفعل حول الواقعة التي يؤكد الفريق الجزائري أنها نوع من الإرهاب الجماهيري لفريقه وأنها أدت إلى إصابة ثلاثة من لاعبي الفريق.
وأكد مسئولو المنتخب الجزائري أن الحافلة تعرضت للرشق بالحجارة من قبل المشجعين المصريين بعد خروجها من المطار وأن زجاج الحافلة تحطم بالفعل وأصيب ثلاثة من نجوم الفريق ، وألمح بعض أعضاء الفريق إلى ضرورة تأجيل المباراة.
ولم يتردد مسئولو الاتحاد المصري لكرة القدم ، سواء من الذين تواجدوا في المطار لاستقبال البعثة الجزائرية ، أو ممن لم يحضروا الاستقبال ، في التوجه إلى فندق إقامة الفريق الجزائري لتهدئة الأوضاع ومعرفة الحقيقة.
وفي نفس الوقت ، أكد مسئول بالاتحاد رفض ذكر اسمه في تصريح لوكالة الأنباء الألمانية (د ب أ) أنه شاهد بالفعل زجاج نافذة الحافلة مهشما كما شاهد إصابات اللاعبين وتعرف من الفريق على أن هذه الإصابات كانت نتيجة للرشق بالحجارة من خارج الحافلة.
بينما أكد سائق الحافلة لبعض وسائل الإعلام ومواقع الانترنت أن لاعبي المنتخب الجزائري حطموا زجاج النافذة من الداخل وهو ما أكدته التحقيقات التي أجرتها سلطات الأمن في الساعات التالية مباشرة ولكن شيئا لم يعلن حتى الآن بشكل رسمي وإن صرح به مسئول أمني لبعض وسائل الإعلام ومنها صحيفة "الشرق الأوسط".
وفي نفس الوقت ، أكد مسئولو المطار أنهم كانوا يراقبون الحافلة بعد تحركها من امام صالة الوصول رقم (4) التي خرج منها المنتخب الجزائري ولم يشاهدوا أي اعتداءات التي يتحدث عنها مسئولو المنتخب الجزائري خاصة وأن المسافة قصيرة للغاية بين المطار والفندق المخصص لإقامة الفريق.
ولكن مسئولي الجزائر ، ومنهم وزير الداخلية ، وكذلك وزير الإعلام ، أكدوا تعرض البعثة والحافلة لاعتداءات ، كما تقدم روراوة باحتجاج رسمي ضد الاتحاد المصري والأمن في مصر بعدما استدعى كل من مراقب المباراة والمراقب الأمني المكلف من الفيفا بمراقبة استعدادات القاهرة للقاء ليشاهدوا زجاج النافذة مهشما.
وبغض النظر عن التضارب المتوقع بين مسئولي الجانبين ، فإن قصر المسافة بين المطار والفندق يوحي بصعوبة وقوع مثل هذه الاعتداءات ، خاصة في ظل الكثافة الأمنية التي أحاطت الحافلة والتي يصعب معها اقتراب أي مشجع مشاغب منها.
وبافتراض وجود مثل هؤلاء المشاغبين ، فإن تحطيم زجاج الحافلة السياحية يتطلب أحجارا كبيرة الحجم نسبيا ، وأن تلقى هذه الأحجار من مكان قريب من الحافلة وأن تكون هذه الأحجار عديدة حتى يتهشم الزجاج ويسقط ثم يصيب لاعبي الجزائري وهو ما يعني أن الحافلة تعرضت لوابل من الحجارة ويتطلب مهارة خاصة في الرماية من قبل المشجعين وهو أمر يثير العديد من التساؤلات حول اتهامات الجانب الجزائري.
ولكن على أي حال ، الحقيقة المؤكدة التي تتركها هذه الواقعة هي أن المعركة بدأت قبل المباراة ، فلقاء الغد ، سيكون في غاية الصعوبة ، ليس على المستوى الفني ، أو الخططي فحسب ، وإنما على المستوى الأمني أيضا.
ويرى كثيرون أن الواقعة كشفت ان الجزائري بدأ بالفعل "اختلاق" الأسباب التي تمكنه من المطالبة بإعادة المباراة أو الاحتجاج عليها في حال تعرضه للهزيمة.
تجدر الإشارة إلى ان المنتخب الجزائري يتصدر المجموعة برصيد 13 نقطة مقابل عشر نقاط للمنتخب المصري الذي يحتاج للفوز بفارق ثلاثة أهداف ليتأهل إلى نهائيات كأس العالم 2010 ، في حين يكفي المنتخب الجزائري التعادل او الهزيمة بهدف وحيد ليتأهل إلى النهائيات ، أما فوز المنتخب المصري بهدفين فيضع الفريقين في حاجة لخوض مباراة فاصلة الأربعاء المقبل في السودان ، ليتأهل الفائز فيها للنهائيات.