q أهم المشكلات السلوكية عند المراهقين (1/3)
تُعد مرحلة المراهقة مرحلة توتر وقلق وصراع في حياة أبنائنا؛ لذلك أردنا أن نلقي الضوء على هذه المرحلة من خلال سلسلة متتابعة، نتناول فيها ماهية مرحلة المراهقة، وكيف ينشأ الصراع فيها؟ وما أبرز المشكلات السلوكية؟
هدفنا من وراء ذلك وقصدنا هو بناء جيل سويٍّ متكيف ومتوافق اجتماعيًّا.
أولاً: ما هي مرحلة المراهقة؟
تُعرَف مرحلة المراهقة بأنها مرحلة من مراحل النمو التي تقع في العقد الثاني من حياة الفرد بين الطفولة والرشد؛ وهي تمتد من حوالي سن 11 سنة إلى سن 20 سنة تقريبًا، فهي بمثابة الانتقال من مرحلة الاعتماد على الأسرة وعدم المسئولية الاجتماعية إلى مرحلة أعلى هي مرحلة الاستقلالية والاعتماد على النفس وتحمل المسئولية الاجتماعية.
ومما سبق يتضح أن المراهقة هي ميلاد ثانٍ للإنسان، وإن كان البعض يرى أنها فترة الميلاد الحقيقية له؛ لأنها في واقع الأمر فترة الميلاد النفسية للكائن البشري.
ثانيًا: كيف ينشأ الصراع لدى المراهق:
تنشأ أزمات وصراعات ومشكلات في مرحلة المراهقة؛ وذلك لانتقال المراهق من فترة الطفولة المتأخرة حيث الهدوء النسبي والاستقرار والكمون إلى مرحلة طفرة في النمو من جميع الجوانب؛ حيث نجد النمو الجسمي والنفسي والاجتماعي والانفعالي واضح في هذه المرحلة، ولا شك أن النمو الجسمي السريع في هذه المرحلة يؤدي إلى حدوث تغيرات جوهرية عضوية ونفسية في حياة المراهق؛ ولهذا يختل اتزان المراهق، ويشعر بالقلق والارتباك في بعض الأحيان، وما يزيد الأمر حدة هو ضمور بعض غدد الأطفال لتحل محلها وتنشط الغدد الجنسية.
هذا من الناحية العضوية، أما بالنسبة للناحية النفسية فإن المراهق يبدأ في التحرر من سلطة الوالدين ليشعر بالاستقلالية والاعتماد على النفس، وبناء المسئولية الاجتماعية؛ وهو في الوقت نفسه لا يستطيع أن يبتعد عن الوالدين؛ لأنهم مصدر الأمن والطمأنينة ومنبع الجانب المادي لدى المراهق، فهو يحتاج إلى الدفء العاطفي لينمو نموًّا طبيعيًّا، ولكن طبيعة المرحلة تفرض عليه أن يتحرر ليواكب طبيعة المرحلة.
ومما سبق يتضح أن التعارض بين الحاجة إلى الاستقلال والتحرر، والحاجة إلى الاعتماد على الأبوين يؤدي إلى خلخلة التوازن النفسي للمراهق، بالإضافة إلى عدم فهم بعض المربين والآباء طبيعة المرحلة وكيفية التعامل مع سلوكيات المراهق في هذه المرحلة، فهذا الأمر يزيد من حدة المشكلة، خاصةً عندما تسوء العلاقة بين المراهق والأبوين، وقد يكون الأبوان غير مثقفين، فتزداد حدة الصراع وتتفاقم المشكلات، وتؤثر كل هذه العوامل على التكيف الاجتماعي للمراهق داخل أسرته ومدرسته ومجتمعه.
ثالثًا: ما هي أبرز المشكلات السلوكية في حياة المراهق؟
1- السلوك العدواني. 2- الشعور بالوحدة النفسية والاغتراب.
3- الخجل والانطواء. 4- التدخين والإدمان.
فهذه السلسلة لنتفهم أبناءنا، ونجد حلولاً لمشكلاتهم.
مشكلات سلوكية في مرحلة المراهقة (2/3)
شباب في مرحلة المراهقة
• الخجل والانطواء يحرقان لسانك!
• التنشئة الاجتماعية المتهم الأول.. والعلاج بالحوار والتسامح:
الخجل والانطواء من أهم المظاهر الانفعالية الاجتماعية وضوحًا في مرحلة المراهقة، فهما بمثابة مشكلة نفسية تعوق المراهق عن تحقيق تفاعله الاجتماعي، مع أن الدراسات والأبحاث التربوية تؤكد أن كلاًّ منهما يقوم بدور مهمّ في تطوير العمليات التكيُّفية وغير التكيفية لدى الفرد.
بدايةً يُعرَّف الخجل على أنه حالة انفعالية غير سارَّة يعيشها الفرد في المواقف الاجتماعية، وتكون مصحوبة بمظاهر انفعالية، كما أنه مجموعة متألفة من الاتجاهات والمشاعر التي تتدخل في قدرة الفرد وتجعله يتأثر انفعاليًّا بالآخرين وبالمواقف الاجتماعية، فيما يُعرَّف الانطواء على أنه انسحاب الفرد من العالم إلى عالمه الخاص.
أهم مظاهر الخجل والانطواء:
1- احمرار الوجه عند التحدث.
2- التلعثم في الكلام وعدم الطلاقة.
3- جفاف الحلق.
4- خوف وقلق وتوتر بصفة مستمرة.
5- عدم التكيف الاجتماعي.
6- الانسحاب والشعور بالوحدة النفسية.
7- الإحساس بالنقص.
أسباب الخجل والانطواء عند المراهق:
1- عجز المراهق في مواجهة مشكلات المرحلة.
2- عدم تفهم الأسرة لطبيعة المرحلة.
3- أسلوب التنشئة الاجتماعية الذي ينشأ عليه المراهق.
فالتدليل الزائد والقسوة الزائدة يؤديان إلى شعور الطفل بالاعتماد على الآخرين في حل مشكلاته، ومن هنا يبدأ الصراع في مرحلة المراهقة فهو شخصي اعتمادي وسلبي، لكن طبيعة المرحلة تتطلب منه أن يستقلَّ عن الأسرة، ويعتمد على نفسه فتزداد حدة الصراع لديه، ويلجأ إلى الانسحاب من العالم الاجتماعي، والانطواء والخجل عند التحدث مع الآخرين.
علاج المشكلة:
1- توجيه المراهق بصورة دائمة وغير مباشرة.
2- إعطاء مساحة كبيرة للنقاش والحوار مع المراهق.
3- التسامح مع المراهق في بعض المواقف الاجتماعية.
4- تشجيع المراهق على التحدث والحوار بطلاقة مع الآخرين.
5- على الأسرة فهم طبيعة مرحلة المراهقة من الناحية الانفعالية وكذلك المدرسة.
مشكلات سلوكية في مرحلة المراهقة (3/3)
• واجه واقعك ولا تهرب منه.
• الانسحاب الاجتماعي والوحدة النفسية مشكلة تدمر المراهق.
• سببها عدم تقدير الذات... وعلاجها الدفء والترابط والتشجيع.
الشعور بالوحدة النفسية والاغتراب مشكلة.. أهم مظاهرها رغبة الفرد في الابتعاد عن الآخرين، والجلوس منعزلاً عن الآخرين، مع وجود صعوبة لديه في الارتباط والتواصل مع المحيطين به، بالإضافة إلى شعوره بالنقص، وعدم الثقة بالنفس، وعدم قدرته على إقامة علاقات اجتماعية قوية مع الآخرين!
ومن هنا يتضح أن الشعور بالوحدة النفسية والاغتراب هروب من الواقع؛ لعدم قدرة المراهق على التوافق بين حاجاته ومطالبه ورغباته الخاصة وأبعاد واتجاهات المجتمع المحيط به؛ مما يؤدى إلى إصابته بحال من العزلة والاكتئاب والتمرد والانسحاب من المواقف، فيصبح شخصيةً سلبيةً في المجتمع.
نوعان:
يؤكد العديد من الدراسات والبحوث النفسية والتربوية أن هناك نوعين من الوحدة النفسية، هما:
أ- وحدة نفسية عاطفية يجدها المراهق داخل نفسه.
ب- وحدة اجتماعية عبارة عن نقص في العلاقات الاجتماعية مع الآخرين.
أسباب الانسحاب:
هناك مجموعة عوامل تساعد فى ظهور الوحدة النفسية والاغتراب لدى المراهق، هي:
1- غياب القيم الدينية والإنسانية فى حياته.
2- الفجوة بين ثقافة المراهقين والراشدين من حولهم، ومن هنا ينشأ الصراع لدى المراهقين لاختلاف مجتمعهم عن مجتمع الكبار.
3- عدم قدرة المراهق على تحقيق ذاته.
4- افتقاره لمعنى وجوده في الحياه.
5- عدم وجود القدوة أو النموذج والمثل الأعلى في حياته.
6- معاملة الوالدين السيئة، سواء كانت كابتة أو متساهلة.
هذه العوامل المنتشرة فى مجتمع المراهقين عادةً ما تعمق ثورتهم وعصبياتهم.
طرق العلاج:
بذلك يتضح أن هذه المشكلة تؤثر على كيان المراهق، وتدمر شخصيته ككل، عن طريق انعزاله عن المجتمع وسلبيته، وعدم تقديره لذاته.
والآن أمامنا طرق علاج عدة لهذه المشكلة، هي:
1- التوجيه والإرشاد للمراهق، سواء داخل الأسرة أو المدرسة.
2- ربط المراهقين بشخصيات جذابة تكون قدوةً لهم.
3- توفير الدفء العاطفي داخل الأسرة.
4- تشجيع المراهق على تكوين علاقات اجتماعية قوية مع المحيطين به.