لم تكتف تلك الدولة اللقيطة باغتيال الأفذاذ من العلماء المصريين بل تفكر في اغتيال عظمائها من السياسيين أيضا، وذلك لوأد النهضة المصرية في مهدها. أدركت إسرائيل أن الدكتور البرادعي هو الذي يستطيع أن يضع مصر في صدر دول العالم الأول وما سوف يترتب على ذلك من تحولات مماثلة في الدول العربية كلها، وما يتبعه ذلك من بداية النهاية لطموحات هذا الإخطبوط الإسرائيلي اللعين الذي لا يضع حدا لعنصريته القميئة وأحقاده النارية تجاه العرب والمسلمين.
كان فريق الاغتيالات الإسرائيلي "كيدون" يتدرب في معسكر صيفي أمريكي لاغتيال البرادعي باستخدام حقنة سم زعاف لولا أن تصدت له أمريكا نفسها وهددته بقطع جميع أنواع مساعداتها له، كما أعلنت ستة أجهزة مخابرات عالمية رفضها لتلك الخطة الإسرائيلية، كما هددت القاهرة تل أبيب بشكل مباشر برد غير مسبوق إذا حدث للبرادعي أي مكروه (حماك الله يا مصر). (جريدة روزاليوسف، 30/8/2011: ص 10)
والمعروف أن إسرائيل هي الولاية الأمريكية المميزة رقم 53، وهي مليئة بمراكز البحوث ومخازن الفكر الأكثر رقيا في العالم، كما تحتل سبع جامعات من هذه الدولة أعلى مراتب تصنيف شنجهاي العالمي للجامعات، وهو ما لم يحدث في أي ولاية أمريكية أخرى، حتى كاليفورنيا أو نيويورك. والسؤال الآن ماذا رأت هذه الدولة بعلمها وأبحاثها في البرادعي مما سوف يهدد كيانها ووجودها؟ استمعوا يا أولي الأبصار ممن غشيكم إعلام مبارك الدنيء:
1. يتميز البرادعي عن بقية مرشحي الرئاسة بمكانة عالمية مرموقة، وتقدير متميز من جانب حكومات ورؤساء دول العالم، كما أن له صلات وصداقات شخصية قوية بقيادات عالمية مرموقة مما يمثل تهديدا لقدرة إسرائيل المعهودة على تزييف الأحداث وخداع العالم من أجل تأييد المواقف والاعتداءات والتجاوزات الإسرائيلية المستديمة.
2.البرادعي هو أعلم السياسيين والدبلوماسيين بأسرار القنابل الذرية والتسليح النووي والطاقة النووية بوجه عام. ومن ثم فهو يعلم حقيقة الوضع النووي الإسرائيلي، ولذلك فهو الأكثر قدرة على مواجهة هذا التهديد النووي الإسرائيلي للعالم كله وليس لدول الشرق الأوسط أو مصر بالذات وذلك بكافة الوسائل الدبلوماسية والإعلامية والعلمية والعسكرية.
3.تدرك إسرائيل أن البرادعي يتميز برؤية تنظيمية شاملة وقدرة إدارية هائلة فهو الذي كان يدير منظمة يتعدى أعضاؤها 2500 شخصا ممن ينتمون لأكثر من 95 دولة في العالم، وهي الوكالة الدولية للطاقة النووية، هذا بالإضافة إلى أن جزءًا كبيرا من عمل هذه الوكالة يتمثل في تقييم التنمية بدول العالم المختلفة، ومن ثم فهو أكثر مرشحي الرئاسة علما وقدرة على إدارة تنمية مصر وبنائها تبعا لمعايير التقدم الصحيحة، والتي تتمشى مع صحيح الدين.
4. تعلم إسرائيل أن البرادعي برئاسته المحتملة لجمهورية مصر العربية سوف يتمكن بإسلامه السمح وشخصيته المتزنة ولسانه العف أن ينهي ملف الفتنة الطائفية والدينية المفتعل في مصر وإلى الأبد، وهذا بالطبع ما لا تريده إسرائيل التي تراهن على أن استمرار هذه الفتنة الدينية والطائفية وازدياد لهيبها في مصر هو السبيل الوحيد لتفتيت هذه الدولة المصرية المركزية بين البلدان العربية والإسلامية.
5. تعلم إسرائيل أنه بالرغم من الهجوم الضاري غير المسبوق على شخص الدكتور البرادعي وأسرته من جانب الطاغية حسني مبارك ونظامه الباغي وإعلامه الدنيء إلا أن الرجل لا زال يتمتع بمصداقية عالية لدي الشعب المصري بجميع طوائفه وخاصة شبابه الطاهر المفعم بالآمال والطموحات والواعي بفكره المستنير الذي لم تلوثه السياسة المباركية الاستبدادية وجيل المستقبل الانتهازي للوريث المدلل. هذه الثقة وتلك المصداقية تعلم إسرائيل أنهما أقوى آليات الوحدة الوطنية والاندماج التنموي بين الشعب والحكومة.
6.لقد ارتعدت فرائص إسرائيل من الدور الذي قام به البرادعي في قيام الثورة الينايرية المستنيرة، هذا الدور الذي لخصه الجميل بحق حمدين صباحي، المرشح الرئاسي الثاني الأفضل في تقديري بعد البرادعي[1]، عندما وصف البرادعي بأنه "أيقونة الثورة" وهو تعبير بليغ جميل لا يتفوق علي جماله إلا جمال قائله. ملخص هذا الدور يتمثل في الموقف المعادي للبرادعي من جانب إسرائيل ونظام مبارك وفلوله وأمريكا على السواء، وتفضل هذه الجهات الحكم العسكري أو مرشحي التيارات الدينية على البرادعي كرئيس للجمهورية.
7. تعلم إسرائيل أن شخصية البرادعي تتميز بالوطنية الشديدة والصرامة في الحق والمثابرة لتحقيق هذه الحق، ورفضه للمساومات والإغراءات والتحالفات الشخصية على حساب مصر وبنائها الحضاري والقضية الفلسطينية جوهر الصراع في الشرق الأوسط.
8. تعلم إسرائيل أن البرادعي بصفته وخبرته الدبلوماسية الدولية الطويلة وتعليمه العلمي العالي في القانون يستطيع أن يستكشف التعديات والمخالفات الإسرائيلية للقانون الدولي بحيث يمكن أن يرجع إسرائيل مرة أخرى إلى الصفة التي كانت تشترك فيها مع جنوب إفريقيا قبل تحرر الأخيرة وهي العنصرية. وهنا تعود إسرائيل لتصبح الدولة العنصرية المنبوذة والوحيدة في العالم حينئذ.
9. ترتعد إسرائيل من التوجه القومي العربي للدكتور البرادعي الذي يسعى فيه ليس لبناء مصر فقط وإنما لتوحد حوالي 400 مليون عربي حول طريق التقدم والحداثة وحينئذ سوف تسعى إسرائيل للتودد للدول العربية وتنسى غطرستها الحالية.
10. تعلم إسرائيل أن البرادعي هو المرشح الوحيد لرئاسة الجمهورية القادر على بناء الديمقراطية الحقيقية في مصر، وهو ما لا تريده إسرائيل بطبيعة الحال، وذلك لأنه الوحيد الذي عاش وعايش المعاني المتكاملة للديمقراطية في أرقي دول العالم التي عاش فيها لمدة طويلة، والفرق كبير بين من يسمع عن شيء وبين من يعيش هذا الشيء في نفس الوقت.
ماذا يعني كل ذلك في النهاية؟
يعني البرادعي.. ثم البرادعي.. ثم البرادعي.. ثم حمدين صباحي
وإلا فانتظر مع المنجمين ظهور المهدي الذي لم يظهر بعد