قبل أن يدرك عقلى شئ.. أدركتها ونطقتها من كل قلبى ورددتها تحيا جمهورية مصر العربية ورأيت نفسى داخلها تحتوينى وروت لى كم هى عظيمة بشعبها، صانع الحضارة، ونيلها ملهم شعبها.. وكلما تعمقت داخلها أدركت فى كل مشهد فيها أنها وطنى وما أعظمها وطن حافظ عليه شعبه بعظمة وحضارة آلاف السنين حتى وصلت إلينا بما فيها من حضارة كلما وصلت إلى القمة حاولت أن تصل إلى ما فوق القمة.
فنحن جميعا قبل أن ندرك أننا مسيحيون أو مسلمون كلنا ننتمى إلى الوطن الكبير مصر.. مصر دولة المصريين من آلاف السنين قبل أن تكون دولة للمسيحيين أو دولة للمسلمين واحترامها وهيبتها وانتماؤنا إليها واجب علينا وينمو بداخلنا.
وشعب مصر شعب واحد نعيش فى وطن واحد لم نختره لأنفسنا ولكن قدر علينا نحن جيران وأصدقاء وزملاء دراسة وعمل همومنا واحدة، أفراحنا واحدة، دافعنا عنها وفديناها بدمائنا، يروينا نيلها، أقدارنا واحدة . ولم ندرك يوما أننا فى مفترق طرق كل منا يبحث عن مصيره مقدراته وأدواره.. بل كنا جميعا معا يدا بيد فى طريق واحد هو طريق الحرية واستطعنا أن نعيد كتابة التاريخ من جديد ليس ببناء أو بحضارة، ولكن بالإيمان بقوة الوطن واستطعنا أن نحرر عقولنا لنلهم شعوب العالم ونرشدهم إلى طريق الحرية الوسطية والسلم يدا فى يد لا صوت يعلو فوق صوت الحرية.. فإذا كنا استطعنا فى ثمانية عشر يوما أن نحرر مصرنا فكم سنأخذ من الوقت لنحرر عقولنا وكم من الوقت سنفقد خلال كفاحنا وكم من الوقت سنلزم الحاقدين الفاسدين فى محاولاتهم حماية فسادهم هم يدركون أن دولة مصر وهيبتها خطوط حمراء لا يستطيعون تجاوزها وغير مدركين أن ثورة التحرير حررت العقول وأصبح المصريون على درجة من الوعى والإدراك لقيمة دولتهم مصر ويتصدون بكل حزم وبقوة عقولهم المستنيرة ضد أى محاولات لإثارة الفتنة بين جموع المصريين وتفريقهم إلى مسلمين ومسيحيين استعراض قوتهم من خلال وحدتهم الوطنية الكبرى.