والت الصدمات علي الشارع الكروي الجزائري مع كل عبور للمصريين من جسر
الي جسر ومن نجاح الي نجاح، حدث ذلك منذ فوز منتخب الجزائر علي مصر في
ثاني جولات تصفيات كأس العالم 2010 ومن وقتها توالت النجاحات المصرية.
ففي يوم السابع من شهر يونيو لهذا العام، والذي لقي بطل افريقيا
الهزيمة الاولي له في التصفيات علي يد الجزائر 3-1 بعد ان كان تعادل مع
زامبيا بالقاهرة بهدف لكل منهما وفقد خمس نقاط كاملة في بداية المشوار، ما
احبط البعض ولكن ظل البعض الاخر متماسكا ومؤمنا بالامل.
ووقتها خرج الجزائريون بجميع ميولهم واطيافهم يتحدثون عن المجيء الي
القاهرة في الجولة الاخيرة للاحتفال بالتأهل للمونديال بعد ان تكون الامور
قد انتهت مبكرا، بل ان البعض قالوا ان منتخب بلادنا سيلعب امام مصر بالصف
الثاني.
مصر ورواندا بالقاهرة
وجاءت اولي الصدمات في الخامس من يوليو حينما فاز منتخب مصر الوطني في
الجولة الثالثة علي رواندا بثلاثية فقط ورفض ان يضيف المزيد من الاهداف
التي كانت كفيلة بانهاء الامور اذا ما وصلت لما نحن عليه الان ولكنها
الكرة.
ووقتها كانت الجزائر قد حققت ما لم يتوقعه احد وفازت علي زامبيا
بلوساكا 2-0 وتضاعفت امالها في حجز بطاقة التأهل، فمباراة زامبيا بلوساكا
كانت احدي نقاط التحول في المجموعة بالنسبة للجزائريين، ولكن منتخب مصر
وجهازه الفني لم يفقدا الامل.
رواندا ومصر بكيجالي
وجاءت الصدمة الثانية في الخامس من سبتمبر بعد فوز مصر في الجولة
الرابعة علي رواندا بكيجالي بهدف لأحمد حسن واضاف ثلاث نقاط غالية زادت من
الضغط علي الجزائريين لتحقيق الفوز علي زامبيا في الجزائر وجاء بالفعل
فوزا بشق الانفس بهدف رفيق صايفي.
وبدات منذ هذا التاريخ الامور تضيق شيئا فشئيا علي الجزائريين، ومثلما
وضع المصريون امالهم جميعا في فوز زامبيا علي الجزائر في الجولة الثالثة
وحدث العكس، تمني الجزائريون نفس الامر بفوز او تعادل زامبيا مع مصر
بلوسكا قبل مباراتهما في القاهرة.
زامبيا ومصر بلوساكا
الصدمة الثالثة يوم 10 اكتوبر وجاءت بفوز مصر علي زامبيا خراج الديار
وهي المباراة الاخيرة قبل لقائهما وجها لوجها في القاهرة، ليحصد الفراعنة
تسع نقاط متتالية دون ان يمني مرماه بهدف قد يعقد الامور، وازداد الضغط
المصري علي الجزائر بلا هوادة.
ووسط متابعة مصرية للقاء الجزائر ورواندا الذي سعي خلاله الخضر لتحقيق
فوزا مريحا يربك حسابات المصريين، تقدمت رواندا بهدف مفاجيء اشتعلت معه
حناجر المصريين فرحا، فرغم انتهاء المباراة بفوز الجزائر بثلاثة اهداف،
الا ان هدف رواندا قد يكون الهدف الاغلي في نظر المصريين.
فهدف باتريك موتيزا الرواندي في مرمي لوناس جواوي الحارس الجزائري، قلل
فارق الاهداف وجعل مصر تلعب علي فارق هدفين بدلا من ثلاث من اجل التعادل
فقط في الرصيد والاهداف وهو شيء يصدر الضغط علي اللاعبين والجماهير
ويفقدهم التركيز، فالفوز بهدفين اسهل من ثلاثة.
مصر والجزائر بالقاهرة
ولم يتحمل الجمهور الجزائري توالي الصدمات لينهيها المصريون بصدمتين
الواحدة تلو الاخري بالقاهرة، فمع الدقيقة الثالثة من بداية مواجهتما
النارية معا تمكن عمرو زكي من اقتناص الهدف الاول، ليبعث القلق في القلوب
الجزائرية مبكرا وسط خوف من توالي الاهداف ومعها يتبخر الحلم، فهذا الهدف
بمثابة صدمة وسهم في القلب الاخضر.
ولكن سارت الامور عكس ما توقعه الجزائريون قبل المصريين، وتوالت الفرص
علي مرمي الجزائر قبل ان تنتقل الي مرمي عصام الحضري في مشهد تلاعب بمشاعر
الجماهير الغفيرة بالملعب ووراء شاشات التليفزيون، والامر اصبح مثل سباق
العدو، كل يحاول ان يلحق بخط النهاية قبل الاخر.
وقام زكي بتسليم العصا التي يجري بها بعد ان سجل وهي في يده، سلمها
لعماد متعب المهاجم العائد الي احضان شباك المنافسين والذي كانت ضربة رأسه
صاحبة الهدف الثاني في الدقيقة الاخيرة هي من احيت امل الملايين وصدمت
ملايين اخري ولكنها اشعلت فتيل الفرحة في قلب مصر.
وتبقي المباراة الفاصلة يوم 18 من الشهر الحالي في السودان هي المشهد
الاخير لدراما عاشتها جماهير الكرة المصرية ونجح منتخبها في تحطيم كلمة
"مستحيل" و"صعب" و"لا يمكن ان .."، كلمات لم تعد موجودة في قاموس هذا
الجيل من اللاعبين .. جيل تحدي ولم يفقد الامل من البداية ووصل الي تلك
المباراة ولم يفقد الامل ايضا فيها وجاء هدفه مع صافرة النهاية ..
فالننتظر الي النهاية معهم.