التدخين آفة مدنية كريهة أنزلت بالإنسان العلل والأمراض ، وتأثيرها الضار لا يقتصر على القلب وضغط الدم والمجارى التنفسية والمعدة وأمراض أخطرها السرطان القاتل ، بل تعداها إلى تلويث البيئة.
ومن المفارقات الباعثة على العجب أن الإنسان يقبل على شراء هذه السموم الفتاكة بلهفة وشوق بما تحدثه في كيانه من تفاعل غريب يجعله يلح فى طلبها إلى أن تقضى عليه ، مثله كمثل الظمآن يمتح من ماء البحر كلما اغترف غرفة طلب المزيد، أو كنار جهنم كلما قيل لها هل امتلأت قالت هل من مزيد!
إن التدخين يسبب أنواعا عديدة من السرطان أهمها سرطان الرئة .
ولك أن تتساءل ما هي البراهين العلمية التي تثبت أن التدخين يسبب سرطان الرئة؟
يقول الخبراء جواباً على ذلك:
- إن سرطان الرئة مرض نادر جداً بين غير المدخنين
- إن نسبة الإصابات تزداد بازدياد عدد السجائر المستهلكة وازدياد مدة التدخين وتقل هذه النسبة تدريجياً عند الإقلاع عن التدخين مما يثبت العلاقة المباشرة بين التدخين وسرطان الرئة.
- إن لسرطان الرئة أنواعاً عديدة، وإن زيادة الإصابات هي نتيجة الزيادة التي حصلت في الأنواع التي يسببها التدخين، أما الأنواع الأخرى التي لا علاقة لها بالتدخين فقد بقيت تماماً كما كانت قبل عصر "أمراض التبغ"
- لقد أظهرت الأبحاث العلمية أن دخان التبغ يسبب أمراضا ًسرطانية عديدة في أنواع مختلفة من الحيوانات.
إن هذه البراهين لا تترك مجالا للشك بأن التدخين هو من أهم مسببات سرطان الرئة.
كما أن هناك دراسات تدل على أن التدخين هو أحد مسببات سرطان المريء والمثانة.
وللتدخين كذالك مضار كبيرة جدا على الجنين حيث أثبتت الدراسات أن النساء الحوامل المدخنات معرضات بنسبة عالية للولادة قبل الأوان وللإجهاض ولولادة الجنين ميتاً ولموت الطفل فى الأسابيع الأولى بعد الولادة.
كما أظهرت هذه الدراسات بأن تدخين الأم يسبب تقلصاً فى الشرايين الدماغية عند الجنين ، فالغاز الموجود فى السجائر يمكن أن يعرقل عملية انتقال الأكسجين من الدم إلى الجنين ، إذ أن ارتفاع مستوى أول أكسيد الكربون فى دماء الأجنة والأطفال المولودين من أمهات مدخنات يضعف من قدرة الدم على نقل الأكسجين (وذلك لأن غاز أول أكسيد الكربون له القابلية والقدرة على الاتحاد بالهيموغلوبين وإضعاف قدرة الأكسجين على ذلك ) .وتفسر الدراسات أن سبب صغر حجم الأطفال المولودين من أمهات مدخنات يعود إلى عرقلة نقل الأكسجين لأنسجة الجنين.
وقد اكتشف كذلك أن التدخين يساعد على الصلع إلى جانب مضار التدخين الكثيرة وأنه من المؤثرات كذلك على تساقط الشعر ، فالنيكوتين يسرع بالصلع الذي يصيب الكثيرين .
و أكدت إحدى الدراسات أن 75% من الرجال المصابين بالصلع تتراوح أعمارهم بين 21- 22 سنة كانوا من المدخنين وأن معظمهم كانوا قد بدؤوا بالتدخين وهم في سن الرابعة أو الخامسة عشر ، برغم العوامل الوراثية للصلع فإن المدخنين يفقدون شعرهم بأسرع مما يفقده غيرهم .
ما هي الدوافع التي تجعل الشاب أو المراهق يدخن؟
هناك عدة عوامل دون أن يكون لأي منها أفضلية أو أهمية خاصة على ما عداها ولكل شاب أو مراهق دوافعه الخاصة التي قد تختلف عن دوافع الآخرين. وأهم هذه الدوافع هي كالآتي:
- تساهل الوالدين
عندما ينغمس الأهل في مثل هذه العادات يصير سهلا على الولد أن يعتقد بأن هذه السجائر ليست بهذه الخطورة وإلا لما انغمس أهله وأقاربه فيها وبهذا فإن الأهل يشجعون أبنائهم عن سابق إصرار وتصميم على التدخين.
- روح المغامرة : إن المراهقين يسرهم أن يتعلموا أشياء جديدة وهم يحبون أن يظهروا أمام أترابهم بمظهر المتبجحين العارفين بكل شيء، وهكذا فإنهم يجربون أمورا مختلفة في محاولة اكتساب معرفة أشياء عديدة.
فيكفي للمراهق أن يجرب السيجارة للمرة الأولى كي يقع في شركها وبالتالي يصبح من السهل عليه أن يتناولها للمرة الثانية وهكذا.
- تقليد الأصدقاء : إن كثيراً من المراهقين يخشون أن يختلفوا عن غيرهم لاعتقادهم أن هذا من شأنه أن يقلل من ترحيب رفاقهم بهم.
- توفر السجائر: إن أقرب السجائر تناولاً للمراهق هي تلك الموجودة في بيته.
أخى المسلم انطلاقا من قوله صلى الله عليه وسلم (لا ضرر ولا ضرار) فابدأ من الآن بالإقلاع عن التدخين وقرر بشكل قاطع أنك تريد الإقلاع فإن ذلك كما قال تعالى (من عزم الأمور) وهذه الخطوات تساعدك على ذلك:
- حدد موعداً للإقلاع وليكن في أقرب فرصة ولا تسمح لنفسك بالتأجيل حتى لا يؤثر ذلك على شخصيتك وقرارك.
- استعن بالله وادعه مخلصاً أن يمنحك القوة والتوفيق لتحقيق ذلك : قال صلى الله عليه وسلم (وإذا استعنت فاستعن بالله).
- ضع أمام عينيك دائماً أخطار التدخين وعواقبه وتذكر أن الله سائلك عن الصحة والعمر والمال.
- احذر أصدقاءك الذين يحاولون تنحيتك عن الإقلاع عن التدخين وتذكر حديث الرسول صلى الله عليه وسلم المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل).
- قرر أن تقتطع المبلغ الذي كنت تصرفه في التدختن للتبرع به للفقراء واليتامى بشكل يومى أو لأي عمل خيري لأن الله تعالى يقول (وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله هو خيراً وأعظم أجراً).
بعد إقلاعك عن التدخين ستشعر باضطرابات فى النوم أو تعب أو توتر وأرق أو جفاف بالفم ... هذه أعراض طبيعة فى البداية ، لأن الجسم مازال متعلق بالنيكوتين .
خذ قسطا من الراحة ، ولا ترهق نفسك فى هذه الفترة ، وامتنع عن تناول القهوة و الشاى والمشروبات الغازية المحتوية على الكافيين بعد الإفطار ، وجرب تمارين الاسترخاء والراحة النفسية ، واستشر طبيباً إذا دعت الضرورة ، واستعن على الصعوبات بكل ما يمكن أن يقويك من (حسن الصلة بالله سبحانه وتعالى ، التقوى ، والعبادة).
وضع دائما نصب عينيك هذه الآية عندما يزين لك التدخين (ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أينما كانوا ثم ينبئهم بما عملوا يوم القيامة إن الله بكل شيء عليم).