لم أر في حياتي إصلاحياً مغشوشاً يملك شجاعة الدفاع عن غياب القانون الطبيعي، ويصف قانون الطوارئ بأنه قانون حكيم!!
.. مجلة «فورين بوليسي» نشرت في عددها الصادر في 5 أبريل الجاري 2010 مقالاً للكاتب «جوشو هامر» بعنوان «جمال مبارك يحاول أن يخدعك»!!
..المقال المثير تحدث فيه «هامر» مع عدد من الناقدين للنظام، وكذلك مع مبارك الابن، الذي حاول بالفعل أن يخدع «هامر» عندما قال له: إن قانون الطوارئ في مصر قانون ضروري وحكيم!! ولم يستخدم ـ قط ـ لإعاقة أي حزب سياسي في أداء دوره أو في إغلاق صحيفة ولن يكون له أي تأثير في الانتخابات الرئاسية المقبلة 2011، والتي وصفها جمال مبارك بأنها ستكون عادلة بدرجة كبيرة!!
.. هذه الادعاءات فندها «هامر» في مقاله عندما وصف ـ من جانبه ـ قانون الطوارئ بأنه يستخدم لإتاحة ديكتاتورية مبارك!! وأنه قانون رهيب للغاية!! رغم هذا فهو في تقدير «هامر» ليس الأداة الوحيدة التي يستخدمها النظام في استبداده، مشيراً لاستخدام القضاء في المحاكمات الجائرة لمعارضي النظام، وكذلك اختراق الأمن للأحزاب السياسية المعارضة، بهدف الضغط عليها وتعطيل دورها.
.. ومن المفارقات اللافتة للنظر أن يوم صدور عدد المجلة المنشور فيه المقال كانت وزارة الداخلية قد رفضت عقد مؤتمر لحزب «الغد» سبق أن تقدم بطلب لعقده في ميدان التحرير ولم تستند الداخلية في قرارها السلبي إلا إلي أحكام قانون الطوارئ الذي يدعي جمال مبارك أنه حكيم، لم يستخدم ـ قط ـ لإعاقة أي حزب سياسي في أداء دوره!!
.. واللافت للنظر أيضاً أن حزب «الغد» الذي اختارني في 14 من فبراير 2010 مرشحاً له في الانتخابات الرئاسية المقبلة، قد طلب عقد هذا المؤتمر للإعلان عن البرنامج الانتخابي لمرشحه للانتخابات الرئاسية المقبلة في الوقت الذي يقول فيه مبارك الابن إن قانون الطوارئ لن يكون له أي تأثير في الانتخابات الرئاسية المقبلة التي وصفها بأنها ستكون عادلة بدرجة كبيرة!!
.. لا أعرف أي وجه للعدالة تلك التي يحدثنا عنها جمال مبارك؟! وما العدالة في أن يحتكر حزب وحيد كل وسائل الاتصال والإعلام قاطعاً كل السبل والطرق أمام الآخر في أن يحظي بأي حق من حقوقه في الاتصال بالناس والجماهير وعرض أفكاره وبرامجه عليهم؟!
إنها عدالة أبشع من الظلم ذاته تلك التي تجعل مصر تختار بين مبارك الأب أو مبارك الابن!! تسمع ـ فقط ـ صوت مبارك الكبير أو مبارك الصغير!! وتحرم من سماع أي صوت مختلف!! هذا هو قمة العدل بالنسبة لجمال مبارك!!
..النظام الذي أمم الصحف الحكومية والإعلام الأرضي المرئي والمسموع ويتدخل بثقل في الضغط علي الإعلام نصف الحكومي «المستقل» ـ اسما فقط ـ يمنعنا من إصدار صحفنا الحزبية رغم صدور أحكام قضائية واجبة النفاذ يضرب بها عرض الحائط!! وأيضاً يمنعنا من ممارسة حقنا الدستوري في الاجتماع والاتصال بالشارع عبر مؤتمرات حزبية يرفض إقامتها علي سند من قانون الطوارئ؟!
فماذا تبقي لنا من فرص الاتصال غير ما نفعله من حملات لطرق أبواب بيوت الناس سيراً علي الأقدام بين محافظات ومدن وأحياء وقري ونجوع مصر؟!
.. إن حملة طرق الأبواب التي زرنا فيها خلال 415 يوماً وحتي اليوم 305 مدن وقري وتجمعاً سكانياً وشعبياً هي آخر ثغرة في حائط مغلق يحاصر الأحزاب الممنوعة من الوصول للناس عبر الإعلام أو الصحف الحكومية أو عبر النوادي أو الجامعات أو المساجد أو المدارس!!
..إن حملتنا لطرق أبواب الناس هي السلاح الأخير في مواجهة حملتهم لإغلاق جميع الأبواب أمام القوي الشرعية باستخدام ذلك القانون الأسوأ في التاريخ الذي يصفه جمال مبارك بالقانون «الحكيم» و«الضروري» دون أن يصارحنا بأنه الضروري لبقاء الأوضاع المشينة التي وصلنا إليها بفضل حكم والده وحكمة قانون الطوارئ
العاشق الحيران